أمريكا.. عدوة الإنسانية!

 

 

 

محمد بن رضا اللواتي

mohammed@alroya.net

 

 

 

 

 

هذا العنوان مستمد من تصريح الصحفي الأمريكي الشهير: تاكر كارلسون، والذي صَّرح يقول: "أكبر شرير في العالم هو: قادة أمريكا"!

هذا الصحفي المتزمت تجاه القضية الفلسطينية، هل هو بريق دماء الشهداء والأبرياء الذي استطاع أن يجعله يفلت من حالة "الهذاء الاجتماعي" الذي تُريد حكومة بلاده أن يظل عالقًا فيها كبقية أفراد المجتمع الأمريكي، والتي علقت – حكومته – فيه بفعل السيطرة الإسرائيلية على قرارات السياسة الأمريكية المتعلقة بالشرق الأوسط منذ 30 عاماً كما يقول جيفري ساكس؟ 

بالمناسبة، "الهذاء الاجتماعي" مصطلح أورده الدكتور جوست ميرلو في كتابه بعنوان "اغتصاب العقل: سيكولوجيا السيطرة على التفكير وإبادة العقل وغسيل الدماغ"، حيث يتناول فيه شتى وسائل جعل العقل مُغتصبا غير قادر على تناول المواضيع الهامة التي تمسه وتمس قيمه ومبادئه، ويتجاوز ميرلو هذا المستوى إلى أفق آخر، فتحت عنوان "الهذاء الاجتماعي" تحدث عن "انحراف عقلي جماعي" يرتبط بشؤون العصر الحالي، وكيف تصبح الحقائق فيه غائبة عن اهتمام العقل وإدراكه والمفضي إلى تحول الإنسان بشكل جماعي إلى "آلة مطيعة"! (ص236).

إحدى الحقائق التي تتعلق بعصرنا الحالي وتُعد من أوضح الواضحات، أن "الهذاء الاجتماعي السياسي" قد تمكن من جعل الولايات المتحدة عدوة للإنسانية الأولى، والتي تقود تحت هيمنة هذا "الهذاء" المجتمع الدولي ليعينها على الإفساد في الأرض وحرق الحرث والنسل!

هذه الحقيقة التي انتبه لها مجموعة كبيرة من الصحفيين والعلماء في مختلف الحقول، وآخرون كذلك من النشطاء وغيرهم.

ولنعد إلى كارلسون في تصريحه السابق، يقول فيه: "إذا كان هناك من ينبغي أن نغضب منهم فإنهم هُم (يقصد قادة بلاده)"! واصفا علاقة بلاده بإسرائيل بالسامة والتي تمزق المجتمع الأمريكي، داعيا إلى ضرورة التوقف عن تلقي الأوامر منهم.

وفي تصريح آخر قال: "نتنياهو يقول أينما يذهب ويُصَّرِح إنه هو المتحكم في الولايات المتحدة! وهذه حقيقة، أنا أهاجم قادة بلدي الذي يسمحون لبلد ذي 350 مليون نسمة أن يُفرض عليها القيام بأعمال سيئة لي ولأطفالي لصالح دولة أخرى".

وقبل أيام تحدث عالم الاجتماع البريطاني مارتن شو تحت عنوان: "الإبادة الجماعية الديمقراطية" يقول بأنَّ الإبادة التي تحدث في غزة لا ترتكبها دولة إسرائيل وجيشها فقط، وإنما يقف خلفها تكتل أوسع من الجُناة، ويجب التفكير في هؤلاء الجُناة وفي الروابط التي تجمعهم"!

 

وأضاف بأنها "إبادة مدعومة فكريا وعملياً من شريحة واسعة من المجتمع الإسرائيلي ومن المعارضة السياسية ومعظم وسائل الإعلام والغالبية الساحقة من الرأي العام. إبادة جماعية ذات طابع دولي تُنفذ بدعم أساسي من الولايات المتحدة التي دخلت اليوم في ظل حكومة ترامب في شراكة مباشرة مع نتنياهو لاستكمال الإبادة.

إنها إبادة جماعية دولية من حيث تلقيها دعمًا فعليًا من معظم الدول الغربية الأخرى. الدول والمجتمع المدني والإعلام في معظم الدول الغربية غالبا وبشكل خاص في المملكة المتحدة".

أما الصحفية الأمريكية آنا كاسبريان، ففي خطاب مباشر لها لترامب قالت له: "أنت من حولت غزة إلى أنقاض! أليس كذلك؟ هل بسبب الشخص الذي تجلس بجواره- تعني نتنياهو- والذي قاد عملية تدمير كل قطاع غزة وقتل عشرات الآلاف من الأشخاص معظمهم من الأبرياء كالنساء والأطفال؟".

بتطبيق معايير ميرلو، يتضح أنَّ إسرائيل تمكنت من جعل الولايات المتحدة هي المسؤولة الأولى عن كل فساد يحدث في الشرق الأوسط لتكون حقاً الشيطان الأكبر.

ولكن يبدو فعلاً أن لهذه الدماء بريق خاص فعلا، يجعل الأذهان تفيق وتكتشف الحقيقة! هذا الذي على الولايات المتحدة أن تعرفه جيدًا، بأنها باتت اليوم معروفة بتعطشها للدماء. ليس الأطفال اليوم في حاجة إلى درس في مادة علم الاجتماع أو التربية الإسلامية ليعلمهم ذلك، فالدروس على الأرض أشد وضوحا وتأثيرا.

ألم تلتقط عدسات الأمريكيين صورة ذلك الطفل العماني الذي خرج في المظاهرات المؤيدة لفلسطين يحمل صورة للشيطان وقد كتب عليها عبارة: أمريكا هي الشيطان الأكبر؟

جائزة الأوسكار لن تُغيِّر مكان الولايات المتحدة من مزبلة التاريخ إلى مكان آخر أفضل!

الأكثر قراءة